google-site-verification=5TWrJf_JkHcNmMh_PuBGWRwMXA0dALsaEAjNPJYGMlU هل أصبح العنف يكتسح عالم الطفولة

مساحة اعلانية

هل أصبح العنف يكتسح عالم الطفولة

هل أصبح العنف يكتسح عالم الطفولة ؟!


للأسف الشديد أصبح الحديث عن العنف عند الأطفال من المواضيع اليومية، واضحت هذه المشكلة من المشاكل الشائعة والشائكة في الآونة الأخيرة، فقد كثر الكلام في البيوت والحارات والاخطر داخل المدارس عن أحداث كان أبطالها من الأطفال والمراهقين ومن مختلف الطبقات الاجتماعية والعمرية، وبالطبع يُعتبر ذلك مدعاة للقلق والاستياء!

ومقالتي هذه المقالة ما هي الا محاولة مني لفهم، الاسباب وطرح الحلول لذلك..
لقد أصبح العنف بين طلاب المدارس مشوهاً للعملية التعليمية، ومدمراً لثقة الصغار بالكبار، وأحيانا كثيرة للأسف سببه قسوة الكبار على الصغار، كل ذلك قد يصبح محطماً لقيم جميلة عديدة، وكذلك مُفقداً الأطفال شعورهم بالأمان.
وانا هنا وبعد استعراضي لعدة حالات من الاطفال والمراهقين اصحاب السلوك العنيف ومن خلال الكثير من الدراسات النفسية والاجتماعية والسلوكية التي أُجريت عندنا في فلسطين والدول العربية المجاورة توصلت الى ما يلي:
1. مشكلة عنف الاطفال مشكلة تراكمية، كان من الممكن استدراكها لو تنبه الاهل والمدرسون لها في بدايتها.
2. الاغلبية من هؤلاء الأطفال العدوانيين يعيشون أوضاعاً عنيفة داخل أسرهم، ويتعرضون للتعنيف من الوالدين أو ممن يقوم مقامهما في التربية.
3. غالباً ما تكون أوضاع ��لاطفال الأسرية مشحونة بالخلافات، ما يجعلنا نتأكد ” أن العنف لا يولّد إلا مزيداً من العنف” الذي يصبح سمتهم في الحياة.
4. معلمو المدارس الابتدائية والان الاعدادية بل والثانوية يواجهون بعض الاطفال والمراهقين شديدي العدائية، حيث يتعاملون بعنف مع زملائهم في الصف يصل حد ضرب وايذاء زملائهم وتخريب مقتنياتهم أو اخفائها، او التحريض فيما بينهم لإيذاء اطفال اخرين،
5. الجو داخل المدرسة أحيانا يجعل من بعض الصغار كائنات عنيفة في ظل تسلط الكبير (وهنا أقصد الاطفال الاكبر سنا وبعض المدرسين) على الصغير، الذي يتخذ أشكالا عديدة منها اسلوب النبذ أو عدم السماح للتلميذ الجديد بالاندماج في جو الصف، أو ساحة المدرسة، أو أثناء اللعب.
6. تلعب الظروف الحياتية الاجتماعية والمادية والصحية الصعبة دوراً خطيرا لا يستهان به في تحويل الحياة المدرسية الى كابوس بالنسبة لبعض الاطفال والمراهقين خصوصا لمن يعيشون في الاصل اوضاعاً حرجة، كأن يعاني الطفل من الفقر أو اليتم، أو عاهة مستديمة، أو خلل في النطق أو من السمنة وغير ذلك من الأمور الكثيرة.
7. الدلع الزائد في التربية البيتية وحب النفس الزائد، أو التفكك الاسري، ففي احدى الحالات التي انتهت وللأسف بفقد احد الاطفال لعينه ( فقد قام طفل مدلل، وبشكل متكرر وبأسلوب بعيد كل البعد عن البراءة، ليقول لطفل آخر وامام الجميع “سيأتي والدي ليأخذني بسيارته، اما انت فقد طلق ابوك امك وتزوج من أُخرى، وتزوجت أُمك من رجل اخر”.
حيث انعكس هنا غياب الترابط الاسري والذي يؤدي الى احساس الطفل بنقص في بنيته النفسية واستقراره، فيسهل على رفاقه الايقاع به واستخدامه كضحية لفرض تسلطهم وسطوتهم على غيره.
وفي مواقف أُخرى تقف فتاة من المرحلة الثانوية لتتباهى بقوامها الجميل وتعيّر زميلتها السمينة أو القصيرة امام بقية الطالبات أو تسخر من ثيابها أو من رائحتها أو من لون بشرتها!
للأسف الشديد فان وسائل تعلم العنف وطرقه وأدواته متوفرة وبكثرة في أيامنا دون حسيب أو رقيب، ويمكن للطفل أو المراهق ان يتعلمها بسهولة من خلال التلفزيون والانترنت غير المُراقب أو العاب الكومبيوتر.
والمصيبة تزداد عندما تتجاوز كمية العنف اللفظي لتصل الى الفعل، ففي كثير من الاحيان لا يتوانى بعض الاطفال عن تأليف « شلة» مهمتها التربص بتلميذ يمكن تصنيفه في خانة “الضحية”، ويستفردون به فيوسعونه ضرباً دون أي سبب، أو يأخذون اغراضه غصبا عنه ويهددونه اذا حاول الشكوى، بزيادة عيارهم في الضرب في المرة المقبلة، ووصل الأمر عند البعض منهم لنزع ملابس زميل لهم ليبقوه في ملابسه الداخلية فقط، الأمر الذي يجعل هذا الطفل الضحية يتعذب بصمت، ويبدأ يُ��كر مع مجموعة أُخرى من المعنفين أمثاله بالانتقام بشكل قد يصل لحد القتل!
وناقوس الخطر الان هو وصول الامر لحد الاعتداء على المدرسين!
وازاء هذه الاوضاع هل يستطيع الأهل مساعدة اولادهم لتجنبهم المعاناة وتبعاتها، إذ قد يتحول الضحية في بعض الاحيان إلى شخص محترف وماهر في ايذاء الآخرين، وهو ما يُعتبر ردة فعل مباشرة على ما يتعرض له، وذلك خلال المرحلة الانتقالية بين الطفولة والمراهقة.
** الأطفال “العدائيون” يمثلون تحدياً حقيقياً لمعلميهم داخل المدرسة، فهم يشيعون جواً من الخوف داخل الفصول الدراسية، ويثيرون القلق والإزعاج لبقية زملائهم، وتعتبر هذه العدائية نذيراً لظهور مشكلات في حياة هذا الطفل خلال مرحلتي البلوغ والمراهقة.
** الطالب الذي يسبب القلق والخوف لزملائه يستحق الاهتمام، لأن سلوكه يدل الى أنه طفل مثقل بالمشكلات، ما يجعله منبوذاً بين أقرانه، الأمر الذي قد يزيد من عدائيته.
وهنا يخرج السؤال المهم كيف السبيل لحل كل ذلك ؟!
1. أولا لابد من التربية السليمة منذ نعومة اظفار الصغار، واشباعهم بالعادات والسلوك الدينية الطيبة عن طريق الفعل الطيب امامهم، واصطحابهم الى الاماكن الدينية.
2. يجب المتابعة الدائمة لهم من حيت تصرفاتهم وملاحظة التغيرات في السلوك والالفاظ، ومعرفة اصدقائهم، ويفضل الطلب من الابناء احضار الاصدقاء للبيت للتعرف عليهم عن قرب، ومعرفة طبيعة اسرهم.
3. يجب على الاهل وبشكل دوري تفتيش غرفهم وحقائبهم والطلب منهم عدم حمل الادوات الحادة او أي ادوات أُخرى ليس لها علاقة بالدراسة، طبعا مع ملاحظة سرية التفتيش.
4. لابد من مناقشة وتحليل حالة التلميذ “العنيف” مع أسرته وبشكل فردي ومن ثم المرشد المدرسي “المدرب ” لمعرفة أوضاعه الأسرية بالتفصيل.
5. مساعدة الطفل أو المراهق العنيف –من خلال المرشد التربوي ذي الكفاءة العالية والاهل – على تبني الطفل أساليب أكثر قبولاً في التعامل مع زملائه، وخصوصا في حل النازعات بينهم، إلى جانب تجنب القسوة معه أو اهانته، لأن التأنيب يزيد من حدة توتره واصراره على مواصلة العدوانية والعنف.
6. يجب على المرشدين التربويين أن يعالجوا حالة كل طالب بمعزل عن الآخر، عبر معرفة الظروف المحيطة به، والتقليل من حدتها عليه، والحوار معه بشكل منفرد، وطلب المساعدة من والديه، عبر تحسين أجواء المنزل، وعدم تعريضه لمشاهد العنف داخل الأسرة أو المعروضة على شاشة التلفزيون. ويجب أن يكون اتجاه المدرسة والاهل نحو الاهتمام أكثر بإظهار المحبة والتقرب للطفل العنيف، واشعاره “بأن رفضهم موجه لتصرفاته غير الصحيحة، وليس إليه شخصياً”.
7. يجب العمل على اكتشاف مواه��ه الفنية أو الرياضية أو الفكرية واشراكه في نشاطات المدرسة خلال المعارض والمباريات، بل وجعله ينخرط في النظام المدرسي وتحميله بعض المسئوليات الأخرى.
وأخيرا يجب أن يعي الجميع أنه من غير الجائز أن نغمض أعيننا عن حقائق ووقائع تأتينا بها الأيام وقد تصل بنا الى كوارث اسرية ومجتمعية، وعلينا أن نواجه ذلك بالشكل الذي يكفل للأطفال أمانهم وسلامتهم ويصون براءتهم متسلحين بتربيتهم السليمة المبنية على الايمان بالله وحب الخير للآخرين بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي، ودمتم بأمن وأمان.

الكــاتــب

جميع الحقوق محفوظة لــ المجتمع التعليمي